Saturday, March 28, 2009

العدسة

هل ما نراه هو الحقيقة ام هى فقط ترجمه عقولنا لما رأينا، فكلنا نرى الشئ من خلال العدسة التى نضعها على عيوننا نتاج  ثقافتنا وطباعنا ومنظومتنا الفكرية والاخلاقية، وهذا الأمر ينطبق على مختلف  الكائنات على أنواعها، ولكن تختلف نوعية العدسة تبعاً لمقدار تطور الكائن.

فالكائنات الاقل تطوراً تضع عدسة تماثلها  بدائية، فعدسة الحيوانات البرية من السماكة والعتامة بمكان بحيث لا تسمح سوى بالتمييز  بين أمرين: المنفعة متمثلة فى مصدر الغذاء لضمان الحياة والصغار لضمان الاستمرارية، والضرر متمثل فى الاعداء ومصادر الخطر، فى حين أن الحيوانات المرودة تتسع رؤيتها  لتشمل فئة لا تمثل خطر و لامنفعة نتيجة لاعتيادها التعامل مع مؤثرات أكثر تنوعاً.

نصل بعد ذلك للبشر فالقبائل المعزولة تكون عدستها أكثر تطورأ على الحيوانتات  بحيث  تكون قادرة على تصنيف  الكائنات ومقدار خطورتها، ولكن يظل الغريب مصدر قلل وترقب.

أما إنسان اليوم فعلى الرغم من سعيه الدئوب لتحقيق المساوة إلا ان العدسة بقية متمثلة فى مظاهر العنصرية  والكراهية، فيبقى احد مقايس تطور البشر مدى قدرتهم على  التخلى قدر الامكان عن العدسة حتى يتسنى النظر للبشر دون فكر مسبق يوصم الجنس او العرق او الدين بصفة تغير من هيئة الشخص الحقيقية، لتحوله عبر العدسة إلى صورة  مشوهة سلباً او إيجاباً تماشياً مع ما نريد حتى لو اختلف عن الحقيقة.

ومن المثير للاسى ان عقب هذا التطور يعود بعض  البشر إلى إستخدام العدسة البدائية الخاصة بالحيوانات البرية التى ترى الأخرين فى إطار من ثنائية اما معنا او علينا، صديق او عدو.

العدسة باقية ما بقي البشر ولكن ذلك لا يحول  دون إستمرار السعى نحو تحطيمها، او على اقل التقدير الحد من قدرتها التشويهية.

No comments:

Post a Comment